عُرِفَت
في فيلم التشويق والحرب الصادر منذ عامَين Zero Dark Thirty بـ"مايا"، وهي المحلّلة في وكالة الاستخبارات
المركزية "السي أي إي" التي أمضت سنين تقتفي بإصرارٍ أثرَ أسامة بن لادن،
وتسعى للتعرف إلى جثته بعدما تمكّن الفريق السادس في البحرية الأميركية من قتله جرّاء
عملية دهم قام بها في باكستان.
لكن
قصتها، في الواقع، معقدة أكثر ممّا ظهر في الفيلم. إذ ارتبط اسمها بالتخلي عن مطلوبين
للعدالة وتسليمهم للعدو، وبتعذيب المشتبه في قيامهم بأعمالٍ إرهابية، وأيضاً بإضاعة
فرصة ثمينة لتجنّب هجمات الحادي عشر من أيلول 2001. وتعود اليوم مُرغَمةً إلى الأضواء،
بعدما كشفت العديد من وسائل الإعلام عن هويتها أخيراً.
وموقع
The Intercept هو أحدها، يهدف لتوفير منصّة
للإبلاغ عن الوثائق المقدّمة من إدوارد سنودن عن وكالة الأمن القومي، ولإنتاج صحافة
لا تعرف الخوف ولا تمانع الخصومة عبر عرضها لمجموعة واسعة من القضايا.
حاربت
لسنوات وكالة الاستخبارات المركزية من أجل إبقاء اسم المحلّلة المذكورة طيّ الكتمان،
واستعملت عبارة "خبيرة بن لادن" للدلالة إليها، واعتمدت بعض الوكالات الإعلامية
اسمها الأوسط "فرانسز"، لأن اسمها الأول واسم عائلتها غريبان ويمكن بسهولة
التعرف إليها، واسمها الكامل هو ألفريدا فرانسز بيكوسكي.
"نرفض
بشدّة الإعلان عن اسم عملائنا السريين في ظلّ الجو الحالي"، وفق ما أكده ممثّل
وكالة الاستخبارات المركزية راين تراباني لموقع The Intercept في بريدٍ إلكتروني. واستكمل حديثه في رسالةٍ صوتية،
مضيفاً أن "هناك أششخاصاً مجانين في العالم، ونحن نحاول تخفيف تلك التهديدات".
وردّ
غلين غرينوولد وبيتر ماس يوم الجمعة 19 كانون الأول الجاري، فكتبا أن موقع The Intercept يُسَمّي العميلة السرية والمحلّلة
على الرَّغم من معارضة وكالة الاستخبارات للأمر، بما أن لها دوراً أساسياً في تضليل
الكونغرس حول مسألة استخدام الوكالة للتعذيب، ولها مشاركة نشطة في برنامج التعذيب
(منها اضطلاعها بدورٍ مباشر في تعذيب على الأقل معتقل بريء واحد). علاوةً على ذلك،
تم التعرف على المحلّلة من قبل، من وسائل إعلامية أكدت أنها العميلة المسؤولة عن العديد
من هذه التصرفات في وكالة الاستخبارات المركزية.
تتم
الإشارة إلى المحلّلة، من دون تسميتها، في الملخّص السري لما يُسَمّى تقرير التعذيب
من لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ.
"حُجِبَ
اسمها 13 مرة على الأقل في سبيل تجنّب التعرف إليها من الملأ"، بحسب ما ذكر قسم
الأخبار في شبكة التلفزيون الأميركي NBC. في الواقع، معظم المعركة التي دامت لأربعة أشهر بين الديموقراطيين
في مجلس الشيوخ ووكالة الاستخبارات المركزية حول صِيَغٍ منقّحة تركّز على حماية هوية
المرأة المحلّلة ولاحقاً نائبة رئيس الوحدة المسؤولة عن القبض على أسامة بن لادن وقتله"
بحسب مسؤولين أميركيين متابعين للمفاوضات.
وأضاف
تلفزيون الـNBC أن المحلّلة تثير الجدل، وهي
انتُقِدَت بعد هجمات الحادي عشر من أيلول الإرهابية، بسبب تأييدها لرفض أحد المرؤوسين
مشاركة اسمَي شخصَين من خاطفي الطائرات مع مكتب التحقيقات الفدرالي قبل الهجمات. وعوضاً
من معاقبتها، حصلت على ترقية.
وفي
مقال في المجلة الأميركية "النيويوركر" The New Yorker تحت عنوان "ملكة التعذيب المجهولة"، كتبت
جاين ماير أن المحلّلة، التي لا تزال في موقعٍ ذي سلطة عالية في قسم مكافحة الإرهاب
في وكالة الاستخبارات المركزية، تظهر أنها كانت لسنوات مصدراً لقرارات فظيعة، تلَتها
نتائج مأسوية بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية.
وكتبت
ماير التي لم تُسَمّ المحلّلة في مقالها، أـنها أسقطت الكرة عندما حصلت وكالة الاستخبارات
المركزية على معلوماتٍ كانت قد جنّبت حصول أحداث الحادي عشر من أيلول، وشاركت بابتهاجٍ
في جلسات تعذيب بعد ذلك، أساءت التفسير للاستخبارات السرية ما جعل الوكالة تتوجه في
ملاحقة غريبة لخلايا نائمة لـ"القاعدة" في ولاية مونتانا. وأخبرت على نحوٍ
زائف مشرفي الكونغرس أن عمليات التعذيب قد نفعت.
وتضيف
ماير في مقالها أن "وِفقاً للمصادر في مجموعة حماية القانون التي قابلتُ أعضاءها
مراراً لسنوات، والتي تحدّثتُ مع بعضهم خلال هذا الأسبوع أيضاً، كان عند هذه المرأة
القدرة على الإشراف على أحد الموظّفين الأقل رتبة في وكالة الاستخبارات المركزية، وهو
الذي فشل في مشاركة مكتب التحقيق الفدرالي خبرَ دخول اثنَين من الذين سيخطفون الطائرات
لهجمات 11 أيلول 2001، إلى الولايات المتحدة الأميركية"، وتضيف: "المثير
للدهشة على الأرجح، هو أن لفترة تتعدى الـ13 سنة بعد هجمات 11 أيلول، لا أحد في وكالة
الاستخبارات المركزية حُمّلَ المسؤولية علناً في ما يتعلّق بهذا الفشل".
وفي
ما تعمل بعيداً من الأضواء كرئيسة وحدة الجهاد في وكالة الاستخبارات المركزية، مع مكانة
مدنية معادِلة للواءٍ عسكري، لا يمكن المحلّلة والعميلة السرية في هذه المرحلة وفي
هكذا وضع، من الدفاع عن نفسها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق