"ما هي الأفعال التي تقوم بها، وتخفيها
عن أهلك؟".
بعد الحصول على وعدٍ بالحفاظ على سريّة الأسماء،
تتالت الإجابات: "بشرب كحول، أنا "غاي"، بدخن حشيشة وبس يكون معي مصاري
أكتر ماريجوانا، بجيب بنات ع البيت بس يناموا أهلي، صاحبي بيجي ع البيت بس يكونوا أهلي
مسافرين...". تصل إجابات أبسط أيضاً: "بدخن ع السطح بالسرّ، بسرق السيارة
بدون ما يعرفوا أهلي، بقول أنو رايح ع الجامعة بس بروح على القهوة..".
"ما في شي شاب يا ماما؟" تكتب جنى
هذه الجملة على "فايسبوك"، وتتلاحق تحتها تعليقات رفاقها الساخرة... على
صفحة جنّى، منشورات كثيرة عن المثليّة الجنسية، وتعليقاتٌ أخرى تعبّر فيها الشابة عن
ميولها المثلية...
"لا يوجد أحدٌ من أفراد أسرتي على حسابي
على "فايسبوك"، لا أشقائي، ولا أيّ أحدٍ من أقربائي. أنا مثلية، لكنّني لا
أعلن عن ميولي أمامهم. يمكن أن تصاب أمّي بالجلطة إن عرفت، وأشقائي لن يكونوا سعداء،
ربّما سيقترحون عليّ عندها الذهاب إلى معالجٍ نفسي. كل شهر تقوم أمّي بـ"مسرحيةٍ".
تدخل إلى غرفتي، تتظاهر بأنّها ترتّب الطاولة أو الخزانة لتنتهي على سريري وهي تمسّد
شعري وتحدّثني عن الزواج، حتى تصل إلى جملتها الشهيرة: "صار عمرك 23 سنة يا ماما،
ما في شي شاب هيك هيك؟". وأنا أردّ بسخريةٍ: "ماما، بليز".. عندها تخرج
من الغرفة غاضبة، وهي تتمتم بكلماتٍ غير مفهومة.
***
"في ريحة غريبة بالغرفة" قال والد
هيثم ما ان دخل إلى الغرفة، بعد أن انتهى الشاب من تدخين الحشيشة. حاول هيثم أن يكبت
ضحكته، بينما غضب شقيقه يوسف بشدّة، إذ بدأ والده يشمّ الرائحة كثيراً في الفترة الأخيرة.
كلاهما، هيثم وعماد، يدخّنان الحشيشة بالسر. يعرف الواحد فيهما أنّ الآخر يدخّن، لكنّهما
يتجاهلان الأمر. وبينما يقوم هيثم بالأمر دون أخذ أي احتياطات، لا يدخّن عماد إلّا
بعد أن يطمئن لعدم إمكانية كشفه.
"عندما أسمع والدي يتحدّث عن الحشيشة
أو "الحشاشين"، أعرف أنّه لا يعرف شيئاً. معظم الأهل كذلك، يعتقدون أنّها
تسبّب الإدمان، أو أنّها مهلوس... لذلك بإمكاني أن أتخيل الإحباط الذي سيصاب به إذا
عرف، وذلك ممكن، خاصة مع لا مبالاة هيثم. لا أدري ما الذي سأفعله إن عرف، ربما سأعطيه
سيجارة وأطلب منه أن يجربها"، يقول يوسف ويضحك.
***
"جايين رفقاتي، هيدي 20 ألف واضهر"،
يقول جمال لشقيقه الأصغر، ظهيرة كل يوم سبت بعد أن يذهب أهله إلى القرية. "ربما
يعرف أنّ أحداً غير رفاقي سيأتي، لكنّ ذلك ليس مهماً. المهم أن لا يعرف أهلي بذلك".
يأتي جمال بحبيبته زينة إلى المنزل في نهاية الأسبوع، إذ يعيش ابن الـ24 عاماً مع عائلته.
"عرّفت أهلي على زينة من قبل... قد لا
تحصل مشكلةٌ كبيرة في حال عرفوا بالأمر، وربما هم يعرفون أصلاً، لكنّ ذلك سيكون محرجاً
بالنسبة لي. في إحدى المرّات كنا وحدنا، عندما سمعت الباب يفتح. تظاهرنا سريعاً بأنّنا
نعمل على "اللابتوب". كان والدي قد نسي أوراقاً وعاد ليأخذها. نظر إلينا
مطوّلاً قبل أن يخرج، ثم مضى. يومها ضحكنا طويلاً، لكنّني صرت أكثر حذراً، واضطررت
للذهاب معهم مرات عدة إلى القرية كي أمحي أيّ شكٍّ من رؤوسهم".
***
"ما بقعد سكرجية عندي بالبيت"،
قال والد ربيع لابنه حين طرده من المنزل. حصل ذلك بعد فترةٍ طويلةٍ من بداية شرب الشاب
للكحول. "أنا من أسرةٍ متديّنة، لذا كنت حذراً جدّاً عند ذهابي لشرب الكحول مع
أصدقائي. كنت أعرف أن والدي لن يتسامح أبداً مع أمرٍ كهذا، خاصةً أنّني الشاب الوحيد
في المنزل".
كان ربيع يقول أنّه ذاهب إلى مقهى قريب، لكنّه
كان يذهب إلى أحد البارات. "كنت غالباً أعود إلى البيت دون أن أسكر، وفي وقتٍ
يكون أهلي نائمين فيه، إلى أن عدت ثملاً في أحد الأيام. كان يمكن للقصة أن تمرّ بهدوء
لو لم أبدأ بالتقيؤ، مسبّباً ضوضاء كبيرة أفاقت والدي. في اليوم التالي طلب مني مغادرة
المنزل. أعيش الآن لوحدي، وما زلت أشرب الكحول... حاولت أمي إقناعي بالعودة، لكنّني
رفضت. الآن أكتفي بزيارتهم من وقتٍ إلى آخر".
رضا حريري- السفير اللبناني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق